من لم يتطور ينقرض تلك هي الفطرة التي فطر الله عليها كل شئ .
دعونا أن نقر بشئ إن الأعتراف بالمشكلة تُعد بداية الحل وإن التشخيص السليم
لها يجعلك تبدأ بالحل بشكل علميٍ وعملي.
لماذا فشل حزب الدستور؟
قبل أن نجاوب علي هذا التساؤل دعونا نرصد بعض الأشياء.
أولها لقد نجح حزب الدستور نجاحاً باهراً في تجميع الناس خلفه في أي معترك
ثوري فمنذ البداية وكل أعضائه بشكل فردي أو جماعات كانوا قادة كل المظاهرات الثورية
وكان أعضائه العماد الرئيسي لحركة تمرد وفتحت كل مقراته لحركة تمرد ولداعميها، مما
أثمر عن تولي أربعة شخصيات علي الأقل في حكومة الإنقاذ ومهندسي خارطة الطريق من
بين أعضائه وهم:
1- د. محمد البرادعي رئيس الحزب
السابق وتولي منصب نائب رئيس الجمهورية للشئون الخارجية.
2- د. حسام عيسي وزيراً للتعليم العالي ونائب لرئيس الوزراء.
3- د. أحمد البرعي وزيراً للتضامن الاجتماعي.
4- السفير نبيل فهمي وزيرا للدولة للشئون الخارجية.
لماذا نجح حزب الدستور في الوصول بهؤلاء إلي الحكم ولم ينجح دعمهم لحمدين
صباحي ليأتي بالصندوق؟
ببساطة لأن هؤلاء ما أتوا إلي الحكم إلا بالثورة علي الحكم الفاشل والفاشي
للأخوان المسلمين نظراً لكفاءتهم الأكاديمية وخبراتهم السابقة ولم يأتوا بالانتخاب.
فإن حزب الدستور تحديداً العماد الرئيسي لحملة حمدين صباحي اعتمد علي نفس
أليات الحشد للثورة للحشد للانتخابات !!!
وهل الثورة مثل الانتخابات؟؟؟؟
اعتمد الحزب علي المسيرات والوقفات ويتناسي لعنات الناس المستمرة علي كل
المظاهرات والمسيرات منذ ان خلعنا مبارك وتارة يتجاوب معنا الناس بعدها إذا ما
لمست شعارتنا آلامهم وتارة أخري يلعنونا إذا ما طالبنا بحرية لأناس لا تجد قوت
يومها.
للانتخابات يا سادة لغة أخري.
ودعوني أن أسرد لكم موقف حصل في انتخابات اتحاد طلاب جامعة الزقازيق 2013
فالوضع كالأتي:
-
تيار
مستقل يتزعمه طلاب الحزب الوطني ومدعم من قياداتهم ( لديهم ستة مقاعد)
-
تيار ثوري من أحزاب وحركات بزعامة حزب
الدستور (لديهم ثلاث مقاعد)
-
تيار إسلامي بزعامة الأخوان المسلمين ( لديهم
ستة مقاعد )
وحاول التنسيق بين هؤلاء صديقي محمد الشربيني الطالب بكلية صيدلة والتابع لمعسكر
الثورة نظراً لعلاقاته بالثلاث تيارات،
وكانت العروض بالتحالفات مع الأخوان منصب النائب للاتحاد وثلاث لجان والعرض الأخر
من التيار المستقل بخمسة لجان وأمين الاتحاد ، ورفض التيار الثوري كلا العرضين
وخسروا الانتخابات ليربحها مرشح الاخوان وهم لا ناقة لهم ولا جمل !!!
إن موقف كهذا يبين لنا الخلط الشديد للحزب كوادر وأعضاء بين ما هو ثوري وما
هو سياسي وهذا كان السبب الأول لفشل حزب الدستور بشكل عام.
للانتخابات وسائل للحشد وليس من الضروري أن تكون (زيت وسكر كالأخوان ،
أموال ورشاوي كالحزب الوطني أو حتي لمض موفرة ...) ولكن النزول للشارع واستثمار
حملات كثيرة نزلت للشارع من حزب الدستور زي مشكلتك أيه! واكتب برنامجك كل هذه
الفاعليات كان من شأنها النزول للمواطن لتعريفه بالحزب وبرنامجه ورفع وعيه لأنه
بالطبع سيطرح عليك أشياء ورؤي ليست كلها صحيحة فسيكون دورك مزدوجاً في رفع الوعي
والتعريف بنفسك ومرشحك فضلاً عن المؤتمرات الحاشدة وغيرها من وسائل الدعاية
الانتخابية التي لم تستخدموها واكتفيتم بالمظاهرات أو المسيرات !
فضلاً عن غياب كامل للمسؤولية فقد أعلن معظم مندوبي حملة حمدين ومسؤلية من
حزب الدستور إنسحابهم من اللجان قبل موعد غلق اليوم الثاني وإعلانهم عدم الأعتراف
بقرار اللجنة العليا للانتخابات بمد يومٍ ثالث فضلاً عن إصدار العديد من الأمانات
الفرعية للبيانات والتي تشير إلي تزوير أو انسحاب للحملة دون الأنتظار للقرار
المركزي ، وهنا أنا لا أناقش مدي قانونية هذا المد ولكن أناقش غياب الإلتزام
الحزبي وإخلاء الأماكن قبل الانتهاء الكامل لفاعليات الانتخابات ومن ثم تقييمها
فيما بعد لإستخلاص العيوب وتلافيها والمميزات ومن ثم العمل علي تنميتها.
أما عن ثاني الأسباب فكانت تتعلق بعدم قراءة الواقع بشكل جيد فيما يخص
بشعبية المشير عبدالفتاح السيسي آنذاك وبأن الإعلام يضخم شعبيته وكأنهم يعيشون في
كوكب أخر أو منزوون داخل جدران الحزب والفيس بوك وتويتر.
وثالث هذه الأسباب كان أتهام الأخر بسذاجه منقطعة النظير بأنه ناجح ويصل
للناس بسؤال طفولي لماذا يترشح المشير ؟ كده مش هيبقي فيه تكافؤ فرص ! المفروض
المشير ميترشح !
لماذا يترشح لأنه مواطن من حقه الترشح ، وفيما يخص تكافؤ الفرص فكانت تميل
مره في صالحه وأحياناً أخري في صالح منافسه ( فيما يخص الإعلام وانحيازه للسيسي أو
العنصر الأمني وانحيازة لحمدين ) ، وفيما يخص بأنه المفروض ما يترشحش فأن هذا حجر
علي مواطن من حقه الترشح ولكن الأصح أن أعد أنا البديل لأطرحه علي الناس.
أما فيما يخص بأهم هذه الأسباب ما كتبته
سابقاً في 22 نوفمبر 2013 عن الشك الذي يتحكم في كل شئ داخل الحزب ولكن لا حياة
لمن تنادي وهذا نص الرسالة السابقة
عندما يحكُمنا الشك !
يمكنك أن تسميها بثورة الشك أو محاكم التفتيش أو البحث في النوايا فهذا ما
وصل إليه حال بعض الثوار والأخطر أن العدوه أنتقلت من الشارع إلي الأحزاب
والكيانات التي من المفترض عليها أن تقدم برامج إصلاحية وأن تأخذ بأيدي الوطن
أقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وأمنياً لبر الأمان إذ بهذه الأحزاب تدور في حلقة
مفرغة شريرة من التفتيش في النوايا أعضائها وتنتقل إليها ثورة الشك ( من الثوار)
لتُحكم هذه الأحزاب وفق الأهواء من قبل بعض الأشخاص – الوطنين – الذي أدمنوا ما
قاله فرعون " ما أريكم إلا ما أري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " وهكذا سقط العديد من هذه الأحزاب الوليدة والتي
تتحدث بإسم الثورة في دوامة محاكم التفتيش!
إضافة إلي ما سبق من أدمان الجميع – لا أستثني أحد- محاكم التفتيش والدخول
في النوايا ومحاسبة السياسي علي علاقاته الإجتماعية ومحاسبة الطموح المتعلم علي
علمه وطموحه
رغم أن الحزب لا يكون حزباً إلا إذا كان هذا الحزب يطمح في الوصول إلي
السلطة وأعجب كل العجب من أناس تطمح في الوصول للسلطة (كمجموعة) وتعيب علي من يصل
منهم إلي السلطة ( رغم أنه عادة يكون شخص كُفؤ)
نعود إلي النقطة الثانية وهي أن معظم الأحزاب الثورية (أختلفت نظرتي عن
السابق عندما جلعت الحصرية للحزب الثوري لحزب الدستور) بأنها تُعاني من كثرة
القيادات ولكن معظمها أحادي النظرة والتفكير وخصوصاً أنهم جميعاً قادة للعمل
الثوري ومنها تنطلق نظرتهم إلي الأشياء وهنا تكمن مواطن القوة والضعف
فهذه الأحزاب وإن كان هذه القوة الدافعة ( الشباب الثوري ) وما يمتلكه من
طاقة رهيبة علي الأنجاز والبناء يمكنه من التدمير بنفس القوة إن لم توجه وللأسف
هذا ما رأينه جلياً في حزبي ( حزب الدستور تحديداً) فهو أكثر احزاب مصر القانونية
أنتشار كقواعد شبابية ومقرات إلا أنه عاني من الأمرين (اليد التي كانت تبنيه هي
نفس اليد التي أصبحت تهدم فيه)
أيقنت أخيراً بأننا كلنا مرضي – لا أستثني أحد- كلنا لدينا نفس آفات الشعب
وعيوبه الموجوده في فلول النظام الأسبق (المخلوع) أو أتباع النظام السابق
(المعزول) بدرجة أو بأخري من الأقصاء والتهميش للأخرين لغير سبب إلا أنهم مختلفين
عنا، لم نعد نسطيع أن نستمع ونشارك الأخرين كسابق عهدنا
وأخيراً أن جاز لي أن أنهي كلامي فليكن بأمنية لم شمل هذه الأحزاب والكيانات
داخلياً ( وفق لائحة منتظمة ومؤسسية واضحة) بالشكل الذي يسمح لهم بالأستقرار
الحقيقي ليُقدموا للوطن مشروعاً حقيقياً للتنمية في أطار من الأنتماء والولاء
للوطن
والله من وراء القصد
حامد المسلمي (عضو حزب الدستور)
الجمعة 22.11.2013
وأخيراً إن ما يقود حزب الدستور إلي الفاشية والفشل كأي تنظيم حصري من قبل
هو التفتيش في النوايا وحصر العضوية علي الثوريين فقط.
وسأحدثكم أخيراً عما يسمي بنظرية الخلو أو الفراغ السياسي وهذه النظرية ما
حدث بالضبط في علاقة كل من مصر وإسرائيل بأفريقيا، فمصر في عهد ناصر كانت متواجده
بقوه في أفريقيا بمساندة قضايا التحرر لوجستياً وإعلامياً وتجارة واستثمار وشركة
النصر وخبراء في كآفة المجالات وغيرها من أوجه التعاون وكان لإسرائيل مصالح ضيقة
جداً وعلاقات دبلوماسية ولكنها ليست بقوة وتشعب وتشابك العلاقات المصرية ونفوذها
في أفريقيا لدرجة أن كل الأفارقة بيما عدا خمس دول (جنوب أفريقيا وليسوتو
وسوازيلاند ومالاوي ومورشيوس)قطعت علاقاتها بإسرائيل في الفترة من 1967 إلي 1973
تضامناً مع مصر والموقف العربي.
تبدل الموقف فمنذ أواخر السبعينات تراجع الدور المصري في أفريقيا مع بدء
العودة لإسرائيل وكل فراغ تتركه مصر يستوجب أن تملئه قوي أخري حتي أستيقطت الحكومة
المصرية في 14 مايو 2010 بتوقيع دول حوض النيل علي إتفاقية عنتيبي وأن منطقة القرن
الأفريقي ودول حوض النيل أصبحت نفوذاً أمريكياً إسرائيلياً خالصاً.
وكذالك في 25 يناير قامت الثورة وخلعت رئيس وحلت مجلس شعب وشوري وأنزوت قوي
الحزب الوطني لفترة وتركت فراغ في الشارع والسياسة معاً وكان يستوجب علي قوي أخري
أن تملئ هذا الفرغ فسرعان ما هرعت له الأخوان والسلفيين سياسياً وميدانياً
وقامت ثورة 30 يونيو وخلعنا رئيساً أخراً ومجلس شعب وشوري وغيره وحدث نفس
الفراغ الميداني والسياسي فحاولاً ملئ الفراغ السياسي وسرعان ما تركناه لقوي ما
قبل 25 يناير ولم نحاول ملئ الفراغ الميداني فعاد كودار الحزب الوطني لملئه مرة
أخري !
وهنا يأتي السؤال الأكثر أهمية في ضوء نظرية الخلو أو الفراغ السياسي علي
من تقع المسؤولية الأكبر :
التواجد الإسرائيلي أم الغياب المصري؟
التواجد الأخواني / السلفي أم الغياب الثوري؟
التواجد الفلولي أم الغياب الثوري؟
فمن لم يتقدم يتأخر وتلك سنة أخري من سنن الحياة .
وأخيراً فإن حزب الدستور به من الكوادر الشابة الواعدة إذا ما عملوا علي
تلافي كل نقاط الضعف السابقة فالمستقبل سيبني بأيديهم.
كما ذكرت سابقاً بإن عوامل قوة الحزب هي
نفس عوامل التدمير وأكثر ما يحزنني بأنها الرسالة الأخيرة.
ولا تنسوا كان نظام مبارك يتحدث إلي الناس بالحُسني وإن اختلفت ممارسات
تابعيه علي الأرض ، أما الثوار فقد تحدثوا إلي الناس بتعالي واحتكار وإن اختلفت
الممارسات علي الأرض.
انتظر السُباب والشتائم
إن أريدُ إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ وإليه
أنيبُ.
حامد المسلمي
29 مايو 2014